الأحد، 22 سبتمبر 2013

حاول مرّه أخرى

 



من عالم الحيوان نبدأ، وعن بداية مولود أنثى الزرافة الجديد نحكي، وتسهيلاً للوصف القادم سنُطلق على هذا المولود اسم "حمأ" -نسبةً لعنوان هذا المقال-.

 يبدأ صغيرنا "حمأ" محاولاته الأولى بالوقوف بعد فترة بسيطة من خروجه من رحم أمه إلى هذه الدنيا، يُصاحب تلك المحاولات صعوبة كبيرة، فهو كما نعلم لا يختلف عن غيره، له جسم مملوء من الوسط ويخرج من مقدمة جسمه رقبة بدايتها مملوءة وتبدأ بالتقلص كلما امتدت للأعلى لتنتهي بانحناء رأسه للأمام ، له سيقان صلبه طويلة خاليه من اللحم، كما لو أنها مجرّد عظام لُفّت بجلّاد أصفر تنتهي بحوافر شبه دائريّة، يبدأ "حمأ" المحاول بالوقوف دون كلَلْ مرات عديدة بصورة مضحكه، فهو يبدأ بمحاولة رفع وسطه المملوء بسيقانه الضعيفة فيترنح كما لو أنه بنهاية سكرة مبتدأ في ذلك العالم، حتى يستطيع الوقوف للمرة الأولى وكِلتا قدميه ترتجفان بصورة مُضحكه تكمل سابقتها من الصور، بينما هو بتلك الأرجل المرتجفة تأتي أم "حمأ" لتضربه ليسقط!، فيُعاود صديقنا الصغير "حمأ" المحاولة مره أخرى إلى أن يستطيع الوقوف مره أخرى لكن هذه المرة بثبات أكثر، فتضربه أمه ليقع مره أخرى!، ويستمر صديقنا بالمحاولة وتستمر الأم بضربه ليقع حتى يصل لمرحلة يتعلم بها أن يُضرب دون أن يقع.

مع تغيير بسيط في القصّة السابقة باستبدال "حمأ" بكَ و أم "حمأ" بالعواقب التي تبدأ بضربنا فور بدأ محاولاتنا في بداية المحاولة فيما نسعى لنصل إليه بنجاح، حاول قليلاً التأمل بـ"حمأ"، وحاول التعلّم من إصراره على الوقوف -إصرارك لتحقيق هدفك-، ولتأخذ تلك العقبات التي نمر بها بحُسن نيّتها كما كانت نيّة الأم بتعليم مولودها الوقوف والتعرّض للضرب دون السقوط، بغض النظر عن تلك العقبات أكانت كارثة طبيعيّة أو كارثة نفسيّة أصابت أحدهم فأراد إخراجها عليك، لنكن كالمولود بعد ضربته الأولى، صحيح أنه سقط لكنه لم يستسلم و لم يغيّر هدفه ولم يلتفت لمن ضربه وحاول مجدداًً فنهض ليحاول مرة أخرى، ثم سقط، فحاول مع ثبات أكثر، حتى تعلم أن يُضرب وهو واقف دون أن يتأثّر بتلك الضربة.

كُن كمولود الزرافة في إصراره، كُن كـ"حمأ" في عزمه، كُن كصديقنا في تعلمه، ولتكن تلك الضربات التي تتعرض لها هي من تقوي قوامك و لتستمد منها ثبات نجاحك.

ليست هناك تعليقات: