الأحد، 26 أغسطس 2012

المحكمة العليا


كلٌ منا له عالَمهُ الخاص ، فأنا لي عالَم، وأنت لك عالَم، وهو له عالَم وهي وذاك وتلك وهم وهؤلاء وكل من خطّت رجلهه في هذه الدنيا له عالَم، ولكلٌ منا أسلوبه الخاص في التعامل مع مجرات عالمه وكواكبها وأراضيها، أما مايختص في عالمي، فلي في إحدى مجراتي كوكباً أحببت أن تعلموا عنه، ولو كان قليل القليل، إلا أن كلماتي قد تنفعني وتنفعكم.
.
على دوله من دول ذلك الكوكب، وبالأخص في مدينه يُطلق عليها "جسدي"، هناك يتوسط قلب المدينه دار القضاء والمحكمة العليا، تلك المحكمة التي تفتح أبوابها دقائق معدودات قُبيل إغلاق عيناي سوداء اللون النعستان في طبيعتها وفي سكرات النوم التي يليها على الفور دخول العالم الآخر!.
.
دعوني أتحدث قليلاً عن ما تحويه تلك المحكمة، ليست كما تعلمون كسائر المحاكم،
قد تحتوي على ذلك الباب الخشبي الكبير ذو الحلقه الدائريه الذهبيه،
وقد يقف على جنبي الباب حارسان لم تتغير وقفتهم منذ صغرهم عليه،
وقد تحتوي على المدرج الخشبي الخالي في كثير الأحيان من البشر،
قد تحتوي زنزانه، مروحه، مطرقه ومكان للشهود، لا يهمني كل ذلك،
ففيها يجلس القاضي وله في جبهته عبارة مكتوبٌ عليها
"هنا حدود الله التي لايُسمح لك تجاوزها"،
وأقف أنا على منصه المدعي العام التي كُتب عليها "وجداني"،
ويقف في صف المُتهمين ثلاثاً، الأولى فتاة في العشرين من عمرها
لُفَّ على كتفها وشاح أسود كُتب عليه"شهوتك"،
والثاني شاب مكفهر الوجه عاري الصدر كُتب علي صدره "النفس الأمارة بالسوء"،
وآخرِهم فتى ذو ذيل طويل وجسد مجعد ملون باللون الأحمر المتسخ
يحمل حبلاً عريضاً كُتب عليه "شيطانك"، وتبدأ المرافعة!
التهمه الأولى لكل متهم:
-لمَ كذبتِ وزدتي صفراً على الأموال المستحقه، ذلك سرقة واختلاس في أموال الدوله!؟
-الفتاة: "شدعوا" مازدت الا صفرا، فما الفرق في ذلك.
-وأنت لمَ كنت تتحدث بغير احترام وتعالت نبرات صوتك وأنت تتحدث إلى والدك، أما تعلم أن في ذلك عقوق لوالدك!؟
-الشاب: "شدعوا" وما لعملي؟ لم يحدثني باحترام ففعلت له المثل.
-وأنت لم أخرت صلاتك حتى أتى حين قضاؤها!؟
-الفتى: "شدعوا" لقد صليت أربع صلوات معاً، ذلك أفضل.
-أما تعلمون جميعا أن استصغار الذنب أعظم من الذنب نفسه!.
.
"ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم"
قالها الأمام الصادق عليه السلام.
فهل أنت أهلاً بأن تكون منهم؟
.
أكتبها لي ولكم يا أصدقائي، فتأملوها!
واجب عليك حضور محكمتك الخاصه في كل ليلة والخوض فيما فعلت طوال اليوم،
فان كان خيراً فاعزم على تكراره،
وان كان ذنباً فاستغفر ربك واعمل على حرمانه.
.
كونوا بخير.